الأحد, أكتوبر 19, 2025
الرئيسيةمقالات الرأيالبرهان في سويسرا بقلم عثمان ميرغني

البرهان في سويسرا بقلم عثمان ميرغني

سودان تمورو:

قبل أربعة أيام، في 9 أغسطس 2025، عُرضت دعوة أمريكية أمام اجتماع مجلس الأمن والدفاع لرئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان للقاء مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السيد مسعد بولس، في سويسرا.

لم يُشر إلى هذه الدعوة في البيان الصادر عقب الاجتماع، إذ تتطلب مثل هذه القرارات درجة من التكتم حتى تتجاوز مرحلة التخطيط الأولي، وهو أمر مفهوم في سياق عمل الدولة.

في مساء الإثنين الماضي، سافر الرئيس البرهان إلى سويسرا والتقى المستشار الأمريكي. لم يُطلب من البرهان تقديم تنازلات أو القبول بشروط معينة، ولا التوقيع على أجندة يرفضها الشعب السوداني.

في العام الماضي 2024، وللمصادفة العجيبة في الفترة ذاتها، تحديدًا يوم 14 أغسطس، دعت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى جولة مفاوضات في سويسرا، بحضور مصر والإمارات والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي بصفة مراقب. وجّهت الدعوة للسودان، لكنه رفض المشاركة.

بذلت الولايات المتحدة ومصر والسعودية جهودًا كبيرة لإقناع السودان بالانضمام إلى المفاوضات، لكن تلك الجهود باءت بالفشل. اضطرت الدول المشرفة على المفاوضات إلى تأجيلها أكثر من مرة على أمل موافقة السودان، لكن دون جدوى. كما رفض السودان عقد اجتماع مع المبعوث الأمريكي في مطار بورتسودان، مفضلاً عقده داخل المقر الرئاسي.

إزاء رفض السودان الانخراط في المفاوضات، أنهت إدارة بايدن فترتها الرئاسية بفرض عقوبات على رئيس مجلس السيادة.
بعد عام كامل، يعود السودان إلى النقطة التي كان بإمكانه تحقيق تقدم كبير من خلالها، ليس فقط في المفاوضات، بل في تعزيز علاقته بالمجتمع الدولي ممثلاً في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، وبالطبع مع مصر والسعودية كدول داعمة للسودان أصلاً.

علاوة على ذلك، يمنح وجود الإمارات في مفاوضات سويسرا السودان فرصة مناسبة لإجراء مفاوضات ثنائية تتيح وضع كل الأجندات المشتركة على الطاولة بصراحة تامة، للوصول إلى تفاهم يساهم في إنهاء الحرب.

إن المفاوضات والبحث عن السلام يتطلبان شجاعة وجرأة لا تقلان عن العمل العسكري. فكما يُطلب من القائد العسكري الانتصار في الميدان، يُطلب من القائد السياسي تحقيق النصر عبر الوصول إلى السلام.

وكما يحتاج القائد العسكري إلى الدعم الإعلامي والشعبي لتحقيق النصر العسكري، فهو بحاجة أكبر إلى هذا الدعم لتحقيق السلام والاستقرار بإنهاء الحرب.

لقد كتبتُ وتحدثتُ كثيرًا أن المفاوضات مسار موازٍ للعمل العسكري، لكل منهما متطلباته وشروطه وبيئته، لكنهما يلتقيان في الهدف النهائي: الوصول إلى بر الأمان بالدولة كاملة دون نقصان، مع صون كرامتها وسيادتها. المحك في النتائج، فتتعدد الطرق وتظل الغاية واحدة.. كل الطرق تؤدي إلى روما.

لم يكن حكيمًا الامتناع عن الانخراط في المفاوضات قبل عام. كانت الأوراق كلها لصالح السودان – حكومةً وجيشًا وشعبًا. كل ما كان مطلوبًا هو فريق تفاوضي خبير يعرف كيف يدير أجندة التفاوض لتحقيق أفضل ما يطمح إليه كل سوداني.

الآن، أن تأتي متأخرًا خير من ألا تأتي. نحتاج إلى دعم الخطوة الشجاعة التي بدأها الرئيس البرهان أمس الأول لتصل إلى غاياتها: السلام بشروط الشعب السوداني.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -<>

الأكثر شهرة

احدث التعليقات

عبدالقادر النصري عبدالقادر على اعلان تفاصيل استخراج الشهادة السودانية 2023
عبدالقادر النصري عبدالقادر على اعلان تفاصيل استخراج الشهادة السودانية 2023
مكاوي الغالي محمد علي على مبادرات وتبرعات لمساعدة متضرري الحرب