سودان تمورو:
راجَ مقطعٌ مصور لشابٍّ فى سن المراهقة يقول وبكل براءة الأطفال والدموع تكاد أن تنهمر من عينيه:
[الليلة مشينا أنا وأهلي عشان أخطب، شلنا أربعة كيلو باسطة، لامِن أكلوها كُلَّها، قالوا البِت عاوزة تَكَمِّل قرايتها] ويتوقف لبرهة، ثم يردف، تَيِّبْ والبَاسْتَا !! ويُخْتَم المقطع بقهقهات عالية.
أنا شخصياً لم أجد فى المقطع مايثير الضحك والسخرية بقدر مايثير التعاطف، زول اتبع كل الأصول ومشى ومعه أهله بي خشم الباب لأهل البنت التي يريد الارتباط بها، وقدَّم لهم أربعة كيلو باسطة عربون صداقة، فأكلوا الباسطة كلها وكسروا خاطرو !!!
فقد كان عليهم أن يردوا عليه الباسطة، لا أن يأكلوها كلها ويقولوا له بعدها أن البت عاوزة تكمل قرايتها وهذا رفض مبطن، وفيه غبن ودعوة للمفسدة.
طَيِّب والباسطة؟ هذا هو السؤال الذى يفرض نفسه على مَن أكلوا مِن باسطة حميدتي ودولاراته وبكاسيه وعطاياه من فلول القحاطة ومن لفَّ لَفَّهُم.
ذات السؤال سيفرض نفسه على عملاء السفارات وقد مرمطوا كرامتهم – هذا إن كان لديهم كرامة – ومرغوا خدودهم على تراب عتباتها سفارة سفارة !! وهم يعلمون أن السفارات ليست جمعيات خيرية لتمنحهم الأموال لوجه الله، فالأموال التى تنفقها السفارات على العملاء هى من ميزانية بلدانهم المرصودة لتحقيق أهداف أمنها القومى وأشياء أخرى، ومن تلك الأهداف تفتيت السودان، ومحو الأِسلام من حياة أهله، وضمان عدم عودة الأِسلاميين للحياة السياسية، وتفكيك الجيش، وتمكين مليشيا آل دقلو الارهابية من حكم السودان بالحديد والنار، وقد أِتضح أِستحالة كلّ هذا بفضل الله ثم بجسارة جيشنا وصمود شعبنا والتفافه حول جيشه. ومن الغباء بمكان ارتكاب نفس الأخطاء وانتظار نتيجة مختلفة فمن المسلمات أن المقدمات الخاطئة لا تقود إلى نتائج صحيحة !! اذن فقد أكلوا الباسطة، وهم يعلمون أن البنت [عاوزة تكمل قرايتها] !! والسودان لا يُفرِّط فى سيادته الوطنية وأستقلاله وكرامة مواطنيه وهذا يعنى أن الوطن ليس للبيع، وأن الشعب ليس لديه القابلية للاستعباد.
البيانات التى تُنشر وتوضح أوجه الصرف على العملاء بالاسم والمبلغ المقبوض والموضح قرين أىِّ منهم،ليس مجرد فضائح وشيل حال!! لكنه إثبات عمالة وخيانة ببيع الوطن وأهله بأبخس الأثمان.
صحيح أن النشر قد يحرق العميل لكنه فى الواقع يُقيِّده للالتزام بتنفيذ ما طُلِب منه. ومن ناحية أخرىٰ فان النشر يزيل العهدة المالية من اسم الوكيل. حتى لا يقع تحت طائلة السؤال: طيِّب والباسطة؟
لدولة الإمارات أطماعها المعلنة والخفية فى أن تنشئ موانئَ لها على ساحل البحر الأحمر بالسودان، وأن يكون لديها استثمارات زراعية كبرى فى منطقة الفشقة السودانية الخصبة، وأن يكون لديها حظ كبير فى تعدين الذهب السوداني الواعد، وأن يكون لديها موطئ قدم فى قارة أفريقيا البكر، وكل ذلك وغير ذلك من التطلعات المشروعة مافى ذلك شك ولكن!! بى خشم الباب، ألا وهو باب الحكومة السودانية، فالتعاون الذى يحفظ السيادة الوطنية ويعود بالفائدة على الجميع على أساس نظرية win – win أي الكل رابح هو المدخل الصحيح وليس توزيع (الباسطة) على سابلة الناشطين والعملاء، والرهان على بنادق مليشيا آل دقلو الارهابية المأجورة وإقامة جسر جوي لإغراق ميدان القتال بالمواد المخدرة، والأسلحة الحديثة والمسيرات الاستراتيجية وأجهزة التشويش وجلب المرتزقة من أقاصي قارة أمريكا الجنوبية، ثم محاولة التملص من كل هذه الجرائم الموثقة والدخول فى حالة انكار تثير الرثاء والسخرية، مثل أن تجتهد فى أن تكون جُزءاً من الحل، فمن كان جُزءاً من المشكلة لا يكون جُزءاً من الحل إذاً فهى تتحسر على ما كسبت يداها فقد أنفقوا أموالهم ثم انقلبت عليهم حسرةً ثم هاهم يُغلبون، ويوم القيامة سَيُسألون.
ومن قبل لهم أن يسألوا العملاء الذين أكلوا (الباسطة) بعد فشل المخطط الاجرامي الذي استهدف السودان الذى لم يسئ إليهم يوماً، فضلاً عن أفضال السودان عليهم منذ لحظة ميلاد الدويلة.
تيِّب والبَاسْتَا !!
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
محجوب فضل بدري