الأربعاء, أكتوبر 1, 2025
الرئيسيةأحدث الأخبارمرضى الخرطوم تحت رحمة محتكري سوق الأدوية

مرضى الخرطوم تحت رحمة محتكري سوق الأدوية

سودان تمورو:

أطلت مجدّداً أزمة الأدوية في ولاية الخرطوم بعد اشتداد الأمراض مثل حمى الضنك والملاريا والكوليرا، إذ شاهدت “العربي الجديد” اصطفاف مئات المواطنين أمام الصيدليات للحصول على المحاليل الوريدية والحقن وأقراص البنادول وأدوية الملاريا، بينما وصلت أسعار المحاليل الوريدية في السوق السوداء إلى نحو 30 ألف جنيه (50 دولاراً)، في حين يبلغ سعرها في الصيدليات أربعة آلاف جنيه (6.6 دولارات)، وتنعدم في المراكز التي أعلنت عن تقديمها مجاناً بالخرطوم، وسط معاناة أغلب السكان جراء انتشار الأوبئة والأمراض المزمنة. (الدولار= 601 جنيه).

كما ازدادت معاناة المواطنين من ارتفاع أسعار مقابلة الأطباء، إذ بلغ الكشف الأولي عند الطبيب العمومي سبعة آلاف جنيه، فيما وصل لدى الأخصائي إلى 20 ألف جنيه، في وقت تنعدم فيه أبسط مقومات الحياة من مياه وكهرباء، إلى جانب انتشار الحشرات والبعوض الناقل للأمراض، رغم تكثيف حملات الرش الجوي، وأكد مواطنون أن محاولات السلطات فشلت في الحد من انتشار الأوبئة التي تتزايد معدلاتها كثيراً، مشيرين إلى أنّ ولاية الخرطوم خصّصت خمسة مراكز طبية رئيسية لتقديم علاج مجاني لمرضى الملاريا وحمى الضنك، إلّا أن هذه المراكز لم تقدّم أي خدمة صحية فعلية.

وبينما يعاني المواطنون في البحث عن محلول وريدي، نشرت مواقع إلكترونية صورة لوزير الصحة هيثم محمد إبراهيم خلال زيارته لمقرّ الإمدادات الطبية، وأظهرت الصورة أطناناً من الأدوية والمحاليل داخل المخازن، ما أثار غضب الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي الذين تساءلوا عن مصير المرضى في ظل وجود الأدوية في المخازن وانعدامها في الصيدليات.

وفي هذا الصدد، قال المواطن عبد الماجد محمود لمراسل “العربي الجديد” إنّ الدواء غير متوفر في معظم الصيدليات، وحتى المتوفر منه يُباع بكميات محدودة، إذ يصطف المواطنون منذ السادسة صباحاً للحصول على محلول وريدي واحد لا يكفي للعلاج، وأشار إلى أن كثيراً من المرضى يقفون في الصفوف مع تجاهل لوصفات الأطباء بحجة عدم كفاية الكميات.

بدوره، أوضح محمد ياسين، من سكان الخرطوم، أنّ أبرز الصعوبات التي يواجهها المرضى تتمثل في انعدام الأدوية الأساسية مثل محلول البنادول، في وقت يتفشى وباء حمى الضنك والملاريا بأعداد كبيرة، قدّرها مسؤولون صحيون بنحو 16 ألف شخص، وأضاف أن كثيراً من المرضى فضّلوا البقاء في منازلهم دون مراجعة المستشفيات، بسبب خلوّها من الأدوية المجانية أو ارتفاع أسعارها في السوق السوداء إن وُجدت.

تكاليف العلاج عالية… وأسعار الأدوية مرهقة

وأشار ياسين إلى أنّ فحص “الحميات” يكلف المواطن 20 ألف جنيه في ظل غياب المستشفيات التخصّصية في الخرطوم واقتصارها على مدينة أم درمان، ما يشكّل تحدياً كبيراً للحالات المعقدة، كما لفت إلى أنّ قلة المراكز الصحية وتكدسها حوَّلها إلى بؤر لانتشار العدوى، وذهب إلى حدِّ القول إنّ 90% من سكان الخرطوم مصابون بحمى الضنك دون حلول حقيقية حتى الآن.

ورغم تأكيدات مجلس السيادة الانتقالي بأنّ موقف الأدوية المنقذة للحياة مطمئن وتُقدَّم مجاناً، إضافة إلى المحاليل الوريدية، والتزامه بتوحيد نظام الإمداد الدوائي لتعزيز فعاليته، فإنّ الأدوية استمرت بالتسرّب إلى السوق السوداء مع افتقار معظم الصيدليات لها. وقد أقر وزير الصحة هيثم إبراهيم بوجود أزمة حقيقية رغم تكدس مخازن الإمدادات الطبية بكميات ضخمة من العقاقير والمحاليل، ما اعتُبر تناقضاً صارخاً بين التصريحات والواقع.

وخلال ظهور الوزير في أحد المخازن الرئيسية للصندوق القومي للإمدادات الطبية، بدت الأرفف ممتلئة بالأدوية التي لم تصل إلى المرضى والمستشفيات، الأمر الذي فجّر موجة غضب في الشارع السوداني، بخاصة بعد انكشاف حقيقة وجود مخزون دوائي ضخم لم يُوزع حتى الآن.

كذلك، كشفت تقارير صحفية الستار عن تورّط موظفين في مفوضية العون الإنساني بعرقلة وصول الأدوية إلى المستشفيات، بجانب احتفاظ الإمدادات بمخزون هائل دون توزيعه، وهو ما عمّق الأزمة الصحية، كما اتُهم مدير الإمدادات بدر الدين الجزولي بالتسبّب في الأزمة من خلال تعطيل حركة انسياب الدواء.

سماسرة وجماعات ضغط في سوق الأدوية السوداني

وفي هذا السياق، صرّح مسؤول في الصندوق القومي للإمدادات الطبية لمراسل “العربي الجديد” بأن هناك سماسرة ولوبيات (جماعات ضغط) تعمل داخل الصيدليات والمستشفيات تعيق وصول الدواء عبر القنوات الرسمية، مشيراً إلى أن معظم الأدوية تتسرّب إلى السوق السوداء، إذ يباع المحلول الوريدي بأكثر من 25 ألف جنيه مقارنة بسعره الرسمي البالغ أربعة آلاف جنيه.

من جانبه، أوضح الطبيب محمد الماحي أنّ الكميات التي توزعها الإمدادات الطبية لا تكفي الطلب الكبير، بخاصة أن معظم المرضى يحتاجون إلى ثلاثة محاليل يومياً، وهو ما يجبر الإدارات على تقنين الكميات.

أما الصيدلي محيي الدين توفيق فقال إنّ الأدوية المنقذة للحياة لا تتوفر بكميات كافية، مضيفاً: “نضطر إلى إعطاء المرضى محلولاً واحداً في اليوم بدلاً من ثلاثة وفق الوصفات الطبية”، وطالب بفتح تحقيق في آليات التوزيع، مؤكداً أن المفارقة تكمن في توفّر الأدوية نفسها في السوق السوداء دون مساءلة.

في المقابل، أصدر الصندوق القومي للإمدادات الطبية بياناً أكد فيه أن مهمته تقتصر على توريد الأدوية بالجملة إلى فروعه في الولايات، وأن صندوق الدواء الدائري هو الجهة المسؤولة عن توزيع الدواء داخل ولاية الخرطوم، وأضاف البيان أنه وزّع خلال أسبوع واحد 45 ألف وحدة من محلول البنادول الوريدي، بينها 15 ألفاً سُلمت لوزارة صحة الخرطوم، و30 ألفاً أُحيلت إلى صندوق الدواء الدائري لضمان وصولها إلى المستشفيات والمراكز الصحية المستهدفة وفق الحاجة الفعلية.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -<>

الأكثر شهرة

احدث التعليقات

عبدالقادر النصري عبدالقادر على اعلان تفاصيل استخراج الشهادة السودانية 2023
عبدالقادر النصري عبدالقادر على اعلان تفاصيل استخراج الشهادة السودانية 2023
مكاوي الغالي محمد علي على مبادرات وتبرعات لمساعدة متضرري الحرب