سودان تمورو:
وحظيت الصور والمشاهد بتداول واسع بين حسابات سودانية ومصرية وعربية روجت لها على أنها جزء من خطوة إثيوبيا بفتح بوابات سد النهضة.
ورصد فريق “الجزيرة تحقق”، الادعاءات لتفنيدها والكشف عن مصادرها الأصلية وسياقاتها الحقيقية للتأكد من ارتباطها بالفيضانات الجارية أم أنها جزء من موجة التضليل الرقمي؟
الادعاءات
ونشر ناشطون عبر منصة “إكس”، صورتين تظهران غرق أحياء بكاملها ومناطق زراعية في السودان، زعموا أنها حديثة، حيث ادعوا أن “إثيوبيا غرّقت أخت بلادهم عمدا، فتحت عليهم 750 مليون متر مكعب من المياه”.
وحصلت الصورتان على أكثر من 400 ألف مشاهدة في أحد المنشورات، وسط تعليقات بإلقاء اللوم على مصر والسودان بشأن موقفهما من سد النهضة الإثيوبي.
كما تداولت حسابات على منصة “فيسبوك”، الصورتين، مصحوبة بتعليقات عن غرق قرى ونفوق مواش وتدمير زراعات بسبب سد النهضة.
وفحص فريقنا الصورة الأولى، وتبين له أنها قديمة، وقد نشرت لأول مرة في أغسطس/آب 2016 على منصة “إكس”.
أما الصورة الثانية، فتبين بعد التحقق أنها من دولة غانا ونشرت في سبتمبر/أيلول 2020، بسبب تسرب المياه من سد باجري في بوركينا فاسو، وليس لها أي علاقة بالسودان.
كما نشر حساب “أنيس منصور” عبر منصة “إكس”، مزاعم أن المساجد في منطقتي الكلاكلة وأبو آدم الواقعة في جنوب العاصمة الخرطوم قد “تعالت أصواتها طلبًا للنجدة بعد ارتفاع منسوب النيل الأبيض”، وأرفقوا معها صورة لميدان ودمار جزئي في أحد المنازل، وأخرى يظهر فيها مواطنون يحاولون العبور وسط فيضان كبير ودمار في أحد المباني.
واتضح بعد التحقق أن الصورة الأولى المرفقة تعود إلى فيضانات سبتمبر/أيلول 2020 ولا علاقة لها بالوضع الحالي، أما الصورة الثانية فتعود إلى قرية ود رملي على الضفة الشرقية لنهر النيل شمال العاصمة الخرطوم وكانت في أغسطس/آب 2019، وأفادت وكالة الأنباء السودانية الرسمية حينها بأن الفيضانات المفاجئة أودت بحياة نحو 62 شخصا وأصابت ما يقرب من 100 آخرين.
كما تداولت حسابات على “فيسبوك” صورة لمنازل غمرتها المياه بشكل كامل، وزُعم أنها نتيجة انهيار الترس الترابي في منطقة ود رملي شمال العاصمة الخرطوم، حيث علّق بعض المستخدمين بعبارات مثل: “ود رملي كل سنة بتغرق”، في حين دعا آخرون إلى “تحويل المنطقة إلى أراضٍ زراعية وإخلائها من السكان”.
لكن بالتحقق من مصدر الصورة تبيّن أنها لا تعود لمنطقة ود رملي، وإنما التقطت في قرية هشابة البشير بولاية الجزيرة، وقد نشرت أول مرة في أغسطس/آب 2019 عبر صفحات محلية على “فيسبوك”، قبل أن يُعاد تداولها حديثًا باعتبارها من الفيضانات الحالية في الخرطوم.
كما انتشر مقطع فيديو يظهر فيه النيل الأبيض وهو يفيض في منطقة المقرن بوسط العاصمة السودانية الخرطوم، مع إغلاق المياه للنفق المؤدي إلى جسر “الفتيحاب”.
وشكك متابعون في الفيديو، وعلق أحدهم متعجبا: “برج النيل سليم ما فيه أثر دمار الحرب وكذلك عمارة زين” في إشارة منه لأن الفيديو مصور قبل اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023.
وبعد التحقق، تبين أن الفيديو قديم ونُشر لأول مرة في أغسطس/آب 2020، ثم أعيد تداوله مؤخرا على أنها مشاهد حديثة.
رد رسمي
ومع انتشار هذه المزاعم بخصوص غرق مناطق في السودان بعد فتح بوابات سد النهضة الإثيوبي، أصدرت وزارة الزراعة والري السودانية أمس الثلاثاء، بيانا أكدت فيه أن ارتفاع مناسيب المياه بالسدود يعود إلى تغيرات مناخية أدت إلى تدفقات غير مسبوقة في النيل الأبيض ونهر عطبرة، إضافة إلى تصريف منتظم من بحيرة سد النهضة منذ 10 سبتمبر/أيلول بحدود 750 مليون متر مكعب يوميا، وهو ضمن سياق موسم الفيضان الطبيعي.
وشددت الوزارة على أن وصول المنسوب إلى مستوى الفيضان يعني أن المياه بلغت حافة المجرى النهري وليس بالضرورة غرق المناطق، داعية المواطنين إلى تفادي الهلع واتخاذ التدابير الوقائية، وأن وارد النيل الأزرق بدأ في الانخفاض، ومن المتوقع تراجع المناسيب تباعا.
السد العالي
أيضا تداولت حسابات مصرية على منصات التواصل، فيديوهات زعمت أنها حديثة لتدفق المياه بكثافة على السد العالي في أسوان جنوبي مصر بعد فتح بوابات سد النهضة الإثيوبي، مشيدين بقدرة السد على استيعاب الكميات الكبيرة من المياه.
وأظهر فيديو حصد أكثر من 800 ألف مشاهد على منصة “إكس” تدفق المياه بكثرة عبر بوابات السد، وعلق ناشره: “السد العالي كانوا عايزين يعطشونا واللهم زيد وبارك”.
بالتحقق من الفيديو، تبين أنه ليست له علاقة بالسد العالي بل يعود إلى سد مروي في السودان وله نسخة قديمة منشورة في 31 أغسطس/آب 2022.
مشهد آخر نشره حساب باسم “محمد البسطاوي” عبر منصة “إكس” مع تعليق “يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.. السد العالي الآن”، وحظي بقرابة 400 ألف مشاهدة.
وفحص فريق “الجزيرة تحقق” الفيديو، وتبين أنه يعود بالفعل للسد العالي إلا أنه نشرت له نسخة قديمة تعود إلى أغسطس/آب 2023.
المصدر: الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي