سودان تمورو:
في مدينة كبكابية الواقعة على بعد نحو 155 كيلومترًا غرب الفاشر بولاية شمال دارفور، أفادت مصادر محلية متطابقة وشهود عيان بأن قوات الدعم السريع نفذت حملة اعتقالات استهدفت عددًا من المواطنين، على خلفية اتهامات تتعلق بانتمائهم إلى الجيش السوداني أو تعاونهم معه. هذه التحركات الأمنية أثارت قلقًا واسعًا في أوساط السكان المحليين، خاصة في ظل غياب أي بيانات رسمية توضح طبيعة الاتهامات أو الإجراءات القانونية المتبعة بحق المعتقلين. وتأتي هذه الحملة في سياق تصاعد التوترات العسكرية في الإقليم، وسط سيطرة متواصلة لقوات الدعم السريع على المدينة منذ مايو 2023.
اعتقال منزلي
أحد شهود العيان، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أفاد لموقع “دارفور24” بأن قوة مسلحة تابعة للدعم السريع قامت باعتقال المواطن عصمت عيسى وثلاثة من أقاربه من داخل منزلهم الواقع في حي السوق جنوب بمدينة كبكابية. وأوضح أن المعتقلين نُقلوا مباشرة إلى مقر قيادة اللواء 21 التابع لقوات الدعم السريع، حيث تم احتجازهم دون تقديم أي توضيحات رسمية بشأن أسباب الاعتقال أو المدة المتوقعة للاحتجاز. هذه الواقعة أثارت حالة من التوتر داخل الحي، خاصة مع تزايد المخاوف من توسع دائرة الاعتقالات لتشمل مزيدًا من المدنيين.
مطالب مالية
بحسب إفادات من ذوي المعتقلين، توجه عدد منهم إلى مقر قيادة اللواء 21 للمطالبة بالإفراج عن أقاربهم، إلا أنهم فوجئوا بطلب دفع مبلغ مالي قدره مليوني جنيه سوداني مقابل إطلاق سراحهم. وبعد مفاوضات استمرت لساعات، تم التوصل إلى اتفاق يقضي بدفع مليون ومئتي ألف جنيه كشرط للإفراج. هذه المطالبات المالية أثارت استياء واسعًا بين الأهالي، الذين اعتبروا أن مثل هذه الإجراءات تُفاقم من معاناة الأسر وتُثير تساؤلات حول طبيعة التعامل مع المعتقلين المدنيين في المدينة.
اعتقالات إضافية
في سياق متصل، أفاد مصدر آخر من كبكابية بأن قوات الدعم السريع اعتقلت المواطن مزمل موسى، الذي يعمل سائقًا لمركبة “ركشة”، من داخل سوق المدينة، واقتادته إلى مقر قيادة اللواء 21 مشاة. وأوضح المصدر أن أسرة المعتقل طُلب منها دفع مبلغ مليون ونصف المليون جنيه سوداني مقابل الإفراج عنه. كما أشار إلى أن القوة ذاتها نفذت اعتقالات أخرى طالت ثلاثة مواطنين إضافيين من السوق، وذلك بأوامر مباشرة من قائد قوات الدعم السريع في المدينة، ما يعكس اتساع نطاق الحملة الأمنية في المناطق التجارية.
أحياء مستهدفة
مصادر محلية أخرى كشفت عن تنفيذ اعتقالات في عدد من أحياء مدينة كبكابية، شملت مناطق المطار والسلام والسوق جنوب، حيث تم احتجاز عدد من المدنيين بتهم تتعلق بالتخابر أو التعاون مع الجيش السوداني والقوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة المتحالفة معه. ولم تُصدر الجهات المعنية أي بيانات رسمية بشأن هذه الاعتقالات، كما لم يتسنّ للصحيفة الحصول على أسماء أو أعداد إضافية للمحتجزين خلال الأسبوع الجاري، ما يُبقي المشهد مفتوحًا على مزيد من التساؤلات حول طبيعة الإجراءات الأمنية المتبعة في المدينة.
خلفية السيطرة
تجدر الإشارة إلى أن قوات الدعم السريع تسيطر على مدينة كبكابية منذ مايو 2023، وذلك عقب انسحاب اللواء 21 مشاة التابع للفرقة السادسة مشاة الفاشر إلى مقر قيادة الفرقة بمدينة الفاشر. هذا التحول في السيطرة العسكرية أعاد تشكيل المشهد الأمني في المدينة، وفتح الباب أمام تغييرات واسعة في طبيعة التعامل مع السكان المحليين، خاصة في ظل غياب مؤسسات مدنية فاعلة تراقب وتتابع الإجراءات الميدانية. ومع استمرار الاعتقالات، تتصاعد الدعوات المحلية بضرورة توفير ضمانات قانونية للمحتجزين، وتوضيح الأسس التي تُبنى عليها الاتهامات الموجهة إليهم.