سودان تمورو
الآف التونسيين يخرجون في شوارع مدينة قابس الساحلية تنديداً بالتلوث في مدينتهم الناجم عن مجمع الفوسفات التابع للمجموعة الكيميائية الحكومية، والذي أصاب عدداً منهم بالتسمم الكيميائي القاتل.
ندد سكان مدينة قابس في تونس، قبل يومين، بوجود مجمع للصناعات الكيميائية في مدينتهم بأنه مصدر للغازات السامة التي ينفثها المجمع الكيميائي، مطالبين السلطات في البلاد بضرورة التخلص منه.
منذ بداية أيلول/سبتمبر، نُقل ابن إكرام إلى المستشفى ثلاث مرات في مدينة قابس بجنوب شرق تونس إثر استنشاقه غازات سامة تقول هذه الأم إنّ مصدرها مجمع صناعات كيميائية متقادم، وتطالب مثل أقارب عشرات تعرضوا للتسمم بإغلاق الموقع.
حالات اختنق في غنوش (قابس) قبل قليل #تونس pic.twitter.com/nCvXhP8inb
— Wejdene Bouabdallah 🥏 (@tounsiahourra) October 17, 2025
تصرخ المرأة: “هذا المصنع سمّ قاتل، يجب التخلص منه”، مؤكّدة أنّ ابنها أحمد البالغ 12 عاماً، اختنق جراء الغازات التي يطلقها مصنع الأسمدة التابع “للمجمع الكيميائي التونسي”، على غرار عشرات من سكان الأحياء المجاورة.
ويؤكد نجلها أحمد لوكالة (فرانس برس) قائلاً: “كنت في صفي، فشعرت بحرقة في حلقي ووجع في رأسي، ثم فقدت الوعي”.
يدرس أحمد في مدرسة “شطّ السلام” القريبة من المجمع الصناعي الضخم الذي ينفث مدى الليل والنهار دخاناً رمادياً يملأ أجواء المنطقة.
غير بعيد عنه، شعرت زميلته في الصف آمنة مرابط بأن صدرها “يشتعل” ثم “تقيّأت”.
عيناها تورمتا ووجهها شحب، وتعرج منذ خروجها من المستشفى، وتقول والدتها إنها لا تريد إرسالها إلى المدرسة مجدداً “إلى أن تجد السلطات حلولاً لهذه المشكلة”.
في غضون شهر واحد، تلقى نحو 200 من سكان الأحياء القريبة من المجمع الكيميائي علاجاً لحالات “تسمم”، بينهم 122 شخصاً الثلاثاء الفائت، وفق السلطات المحلية.
ويؤكد النائب في المجلس المحلي (منتخب) أحمد قفراش لـ”فرانس برس” أنّ “هذه الأعراض سببها تسربات غازية من وحدات المجمع الكيميائي التونسي”، موضحاً أنّ “هذه الحوادث ليست جديدة، لكن تكرّرها أربع مرات في أيلول/سبتمبر ومرتين منذ بداية تشرين الأول/أكتوبر، يجعلها أكثر خطورة من أي وقت مضى”.
المجمع الكيميائي ينفث حمض الكبريت والأمونياك في أجواء قابس
يستخدم المجمع حمض الكبريت والأمونياك لصناعة مادة أساسها الفوسفات. ولم يرد المجمع الكيميائي التونسي على طلب “فرانس برس” بشأن حالة وحدته الصناعية التي افتتحت عام 1972 ويعتبرها السكان السبب الرئيس للتلوث المتفاقم في المدينة الساحلية وواحاتها منذ سنوات.
ووفق الناشط البيئي خير الدين دبيّة، فإنّ الانبعاثات السامة تعود إلى “تهالك الوحدات الملوثة التي تم تركيبها منذ 53 عاما وغياب الصيانة”، مشيراً إلى أنّ “زيادة الإنتاج بمعدل لا يتناسب مع حالة الموقع”، ومعتبراً أنّ الحلّ الوحيد هو “تفكيك المصنع”.
يقود دبيّة حملة “أوقفوا التلوث” منذ عقد ويندّد بالأضرار التي يسببها المصنع على البيئة وصحة السكان.
وتؤكد حملة “أوقفوا التلوث” ودراسات مختلفة أنّ المخلفات التي يصرّفها المجمع الكيميائي التونسي تلوث الشواطئ والتربة، وتسببت في تقويض نظام الصيد البحري، وتعتبر سببا في تزايد غير طبيعي في أمراض الجهاز التنفسي والسرطان.
وتعتزم مجموعة من المحامين رفع دعوى قضائية ضد “المجمع الكيميائي التونسي” باسم تلاميذ تعرضوا للتسمم مؤخراً.
وقبل أسبوع أعلن رئيس البلاد أنّ حالات التسمم والاختناق سببها مشاكل في الصيانة وأرسل فريقاً من ممثلين من وزارتي الطاقة والبيئة بشكل عاجل إلى قابس، وذلك على الرغم من تشكيك خبراء في إمكانية تطهير الموقع.